الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder - OCD) هو اضطراب نفسي معقد يتميز بوجود أفكار متكررة ومتسلطة تُعرف بالوساوس، يتبعها سلوكيات قهرية تهدف إلى تخفيف القلق الناتج عن هذه الأفكار. على الرغم من أن الجميع قد يمر بفترات من التفكير الزائد أو القلق، إلا أن الفرق بين الأفكار العادية والوسواس القهري يكمن في شدة الأفكار وتأثيرها السلبي على الحياة اليومية.
الأشخاص المصابون بالوسواس القهري غالبًا ما يدركون أن أفكارهم غير منطقية، لكنهم يجدون صعوبة بالغة في السيطرة عليها أو إيقافها. هذا الصراع الداخلي يُحوّل حياتهم إلى سلسلة من الطقوس والسلوكيات القهرية التي تؤثر على العمل، العلاقات الاجتماعية، والصحة النفسية.
الوساوس هي أفكار أو صور أو دوافع غير مرغوب فيها تسيطر على العقل وتُسبب شعورًا بالضيق والقلق الشديدين. غالبًا ما تكون هذه الأفكار متكررة ومزعجة لدرجة تجعل الشخص يبذل مجهودًا كبيرًا لتجاهلها أو مقاومتها.
أمثلة شائعة على الوساوس:
الأفعال القهرية هي سلوكيات أو طقوس متكررة يقوم بها الشخص لتخفيف القلق الناتج عن الوساوس. على الرغم من أن هذه الأفعال تمنح راحة مؤقتة، إلا أنها تُعزز الدائرة المفرغة للوسواس القهري.
أمثلة على السلوكيات القهرية:
تشير الدراسات إلى أن الوسواس القهري قد يكون مرتبطًا بـ اختلال في مستويات السيروتونين، وهو ناقل عصبي يُساعد في تنظيم المزاج والسلوكيات. كما يُظهر التصوير بالرنين المغناطيسي أن بعض مناطق الدماغ تعمل بشكل مختلف لدى المصابين بهذا الاضطراب.
إذا كان أحد أفراد العائلة يُعاني من الوسواس القهري، فقد يزيد ذلك من احتمال إصابة أفراد آخرين. هذا يُشير إلى أن الجينات الوراثية قد تلعب دورًا في زيادة القابلية للإصابة بالاضطراب، لكنها ليست السبب الوحيد.
بعض الأشخاص لديهم ميول لتضخيم المخاطر أو الاعتقاد بأنهم يتحملون مسؤولية كبيرة عن منع الأمور السيئة، مما يُعزز ظهور الوساوس والسلوكيات القهرية.
المصاب بالوسواس القهري قد يقضي ساعات طويلة في أداء طقوسه اليومية، مما يؤدي إلى:
السلوكيات القهرية قد تجعل المصاب يُفضل العزلة، كما قد تُثير استغراب المحيطين به. قد يتجنب البعض التفاعل الاجتماعي لتجنب المواقف المحرجة، مما يؤثر على العلاقات العائلية والعاطفية.
الوسواس القهري قد يُرافقه اضطرابات نفسية أخرى، مثل الاكتئاب والقلق المزمن. كما أن السلوكيات القهرية قد تُسبب مشكلات جسدية، مثل جروح اليدين بسبب الغسل المفرط أو التعب الجسدي نتيجة تكرار الطقوس اليومية.
بعض الحالات تتطلب استخدام الأدوية التي تُساعد في إعادة التوازن الكيميائي في الدماغ، خاصة مضادات الاكتئاب التي تؤثر على مستويات السيروتونين.
الانضمام إلى مجموعات دعم يُتيح للمصابين مشاركة تجاربهم وتعلم استراتيجيات فعالة للتعامل مع الأعراض، مما يُعزز الشعور بالدعم والانتماء.
الوسواس القهري قد يُشكل تحديًا نفسيًا ومعيشيًا كبيرًا، لكنه ليس نهاية الطريق. من خلال العلاج والدعم المناسبين، يُمكن للمصابين استعادة حياتهم والسيطرة على الأعراض.
إذا كنت أنت أو أحد المقربين يُعاني من الوسواس القهري، فإن الخطوة الأولى نحو التعافي هي طلب المساعدة من مختص نفسي. لا تتردد في اتخاذ هذه الخطوة المهمة نحو حياة أكثر توازنًا وسعادة، لأن التعافي ممكن والأمل دائمًا موجود.