لا شك أن تجربة الحمل تُحدث تغييرات جسديّة ونفسيّة كثيرة على المرأة – منها الإيجابي والسلبي - حيث ترى الأمهات السويات نفسياً أن الحمل هو وسيلة لتحقيق ذواتهن. تحديداً عندما يبدأ عند الأم الحامل التعلق النفسي بالجنين عادة خلال النصف الثاني من الحمل (الشهر الرابع وحتى السادس) في الحالات الطبيعية، وتؤدي ولادة الطفل لإشباع حاجة الأم الفطرية إلى التنشئة والرعاية.
إلَّا أن بعض الأمهات يعتبرن الحمل تجربة سلبية، ويمكن إيعاز ذلك للخوف من الولادة أو الشعور بعدم الكفاءة بدور الأم. كما تؤثر نظرة الأم للحمل على الحالة النفسية أثناء الولادة، بمعنى إن كان الحمل مخطط له أم لا أو إن كان الوالدين مستعدين لبناء الأسرة أو توسعها بالإضافة إلى علاقة الأم مع الأب. كما أنه يطرأ على الأب أيضاً تغيرات نفسية أثناء فترة حمل شريك حياته، وبعد الولادة.
قد ينتج عن بعض الولادات حالات نفسية. ولا تعد الاضطرابات النفسية ما بعد الولادة خلل في الأم أو ضعف في شخصيتها، ولكن قد تكون ببساطة من مضاعفات الولادة. ويمر الآباء أيضاً بتغير في المزاج بعد ولادة الأم وذلك بسبب المسؤولية المضافة، وتأثر التواصل الجنسي مع الزوجة، وقلة الشعور باهتمام الزوجة له.
تعد الاضطرابات النفسيّة ما بعد الولادة من مضاعفات الولادة وقد تصيب بعض الأمهات الحديثات عوضاً عن أخريات وتختلف من ولادة إلى أخرى حتى عند نفس الأم.
التغيّرات الجسديّة خلال مراحل الحمل:
الفصل الأول (الشهر الأول والثاني والثالث): بدء التكيّف مع التغيّرات الجسدية والنفسية مثل تقلبات المزاج والإرهاق والغثيان (مما يعرف بالوحام).
الفصل الثاني (الرابع والخامس والسادس): غالباً هي أكثر المراحل استقراراً مما يعطي الأم فرصة لإعادة اكتساب طاقتها والشعور بالاستمتاع والحماس بشأن الحمل.
الفصل الثالث (السابع والثامن والتاسع): هي أكثر المراحل التي تتميز بعدم الراحة، حيث يبدأ ظهور تأثيرات واضحة على أجهزة الجسم مثل القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي وغيرها.
جميع هذه التغيرات النفسية والجسدية هي ليست علامات لأمراض معينة، وفي الوضع العام تعود الأم لوضعها الطبيعي خلال 4 إلى 6 أسابيع بعد الولادة.
الاضطراب النفسي العابر (Baby Blues):
سببه غالباً يعود لضغط الولادة والتغيّرات الهرمونية التي تمر بها الأم بعد الولادة بالإضافة إلى الشعور بالمسؤولية المتزايدة المصاحبة للأمومة الجديدة .عادةً لا يوجد حاجة للتوجه للعلاج النفسي وإنما يُكتفى بالتثقيف النفسي وتوفير الدعم المناسب والكافي للأم.
الأعراض:
· حزن.
· ارتباك ذاتي.
· نوبات بكاء.
· تقلب في المزاج.
· اضطراب النوم أحياناُ.
نسبة الانتشار:
30-75% من الأمهات.
ظهوره ومدته:
يظهر خلال 3 إلى 5 أيام بعد الولادة ويستمر مدة أيام إلى أسبوع.
اكتئاب ما بعد الولادة (Postpartum Depression):
إذا ما استمرت أعراض الاضطراب النفسي العابر بعد الولادة لأكثر من أسبوعين فيتم التشخيص على أنه اكتئاب ما بعد الولادة وهو حالة أشد من الاضطرابات المزاجيّة الخفيفة وتساهم الضغوط النفسية بسبب غياب وجود دعم من الزوج والأهل إلى تبلور الاضطراب. يتم تجنّب العلاج النفسي الدوائي لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة وذلك بسبب خطر الأدوية النفسية على الطفل إذا كانت الأم مرضعة. وبالتالي يتم التركيز على العلاجات النفسية الأخرى.
الأعراض:
· مزاج اكتئابي.
· قلق شديد.
· أرق.
· تغيّر في الوزن، إمّا زيادة أو نقصان.
· نوبات بكاء.
· عدم القدرة على الشعور بمتع الحياة.
· أحياناً تعاني من وجود أفكار انتحارية، وأفكار بأن تؤذي الطفل، وأفكار مفرطة عن الشعور بالذنب وعدم الكفاءة كأم.
نسبة الانتشار:
10-15% من الأمهات.
ظهوره ومدته:
يظهر خلال 3 إلى 6 أشهر من الولادة ويستمر لمدة أشهر أو سنوات إذا لم يتم علاجه.
ذهان ما بعد الولادة (Postpartum Psychosis):
اضطراب ذهاني يصيب الأم بعد الولادة ولكنه نادر، يتسم بأعراض حادة تتميز بوجود ضلالات (شكوك، عدم ترابط، أفكار غير عقلانية مخاوف وسواسية عن الطفل وصحته) وهلاوس سمعية تأمرها بأذيّة نفسها أو طفلها. ويعتبر ذهان ما بعد الولادة طارئ نفسي يتطلب الرعاية الطبيّة العاجلة. ويمكن تفسير الاضطراب بأن الولادة عبارة عن ضغط غير محدد أدّى إلى تشكل نوبة ذهانيّة، محتمل عن طريق آليّة هرمونية شديدة. كما يوجد ارتباط بين ذهان ما بعد الولادة واضطرابات المزاج، اضطرب ثنائي القطب بالتحديد.
الأعراض:
· اكتئاب.
· ضلالات.
· هلاوس.
· أفكار أذيّة النفس أو الطفل.
نسبة الانتشار:
1-3 من كل 1000 ولادة، و50-60% منها هي ولادات أولى للأمهات المصابات و50% من الحالات هي لأمهات عانوا من مضاعفات خلال فترة ما حول الولادة
(منذ الأسبوع العشرين من الحمل تقريباً وحتى 4 أسابيع بعد الولادة).
ظهوره ومدته:
من الممكن ظهور الأعراض خلال أيام من الولادة أو خلال مدة قد تصل لثمان أسابيع بعد الولادة
نصائح استخدام الأدوية النفسيّة في الحمل والرضاعة:
· الحامل: تجنّب الأدوية النفسية خلال الثلاث أشهر الأولى من الحمل.
· المرضع: لا ينصح باستخدام الأدوية النفسية خلال الرضاعة إلا في الحالات الشديدة.