هل سمعت يومًا عن شخص يظهر بشخصية معينة اليوم، ثم يتحول إلى شخصية أخرى تمامًا في اليوم التالي؟ قد يكون معلمًا صباحًا، ثم عامل نظافة مساءً، وربما فنانًا في اليوم الثالث! هذا ليس فيلمًا هوليووديًا، بل هو وصف لواحد من أغرب الاضطرابات النفسية: تعدد الشخصيات. دعونا نغوص في هذا الموضوع النادر والمثير!

ما هو تعدد الشخصيات؟

تعدد الشخصيات أو كما يُعرف علميًا بـ اضطراب الهوية الانفصالي (Dissociative Identity Disorder) هو اضطراب نادر جدًا يصيب أقل من 1% من البشر. في هذا المرض، يعيش الشخص بشخصيات متعددة، وكل شخصية منها لها هويتها الخاصة، قد تختلف في:

• الاسم.
• العمر.
• الخلفية الثقافية.
• وحتى المعتقدات والسلوكيات.

هل هو فصام؟

كثيرون يخلطون بين تعدد الشخصيات والفصام (الشيزوفرينيا). لكن في الحقيقة:

• الفصام: اضطراب يؤثر على التفكير والإدراك، قد يتضمن أوهامًا أو هلوسات.
• تعدد الشخصيات: ظهور هويات منفصلة داخل الشخص نفسه.

إقرأ ايضا: ما هي اعراض الفصام؟ (كل ما تريد معرفته عن ألشيزوفرينيا Schizophrenia)

أعراض تعدد الشخصيات: كيف يظهر؟

1. الهويات المتعددة:

• يظهر الشخص بشخصيات مختلفة تمامًا، ويكون مقتنعًا تمامًا بأنه تلك الشخصية في اللحظة الراهنة.
• مثلًا: قد يكون شخصية مرحة وحيوية اليوم، وغدًا شخصية مكتئبة ومتحفظة.

2. فقدان الذاكرة:

• المريض غالبًا لا يتذكر تفاصيل حياته عندما ينتقل من شخصية إلى أخرى.
• قد ينسى تمامًا أحداثًا حدثت خلال فترة سيطرة إحدى الشخصيات.

3. اضطرابات نفسية أو جسدية:

• نفسية: مثل الاكتئاب، القلق، أو الخوف الشديد.
• جسدية: قد يظهر الشخص فجأة في حالة عجز مؤقت، مثل العمى أو الصمم، دون سبب عضوي واضح.

ما الذي يسبب هذا الاضطراب؟

تعدد الشخصيات هو حالة غامضة، لكن العلماء ربطوه بعوامل نفسية معقدة، أهمها:

1. الصدمات النفسية في الطفولة:

• التعرض لإساءات جسدية أو عاطفية أو جنسية خلال الطفولة يُعتبر سببًا رئيسيًا. الطفل قد يلجأ إلى "الهروب النفسي" لتجاوز الألم، فينشأ لديه هذا الاضطراب.

2. الانفصال النفسي (Dissociation):

• لتجنب الألم النفسي، قد يبدأ العقل بخلق هويات مختلفة لتحمل الأعباء.

3. عوامل بيئية وضغوط مستمرة:

• التعرض لضغوط نفسية شديدة في مراحل لاحقة من الحياة قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض.

اقرأ أيضا: أسباب اضطراب الشخصية شبه الفصامية

كيف يمكن علاج تعدد الشخصيات؟

رغم صعوبة التشخيص، فإن العلاج ممكن، ويعتمد على تقليل الأعراض وتحسين جودة حياة المريض. إليك كيف يتم التعامل معه:

1. تخفيف الضغوط النفسية:

• خلق بيئة مريحة وداعمة للشخص المصاب.

2. جلسات العلاج النفسي:

• العلاج النفسي التحليلي هو الخيار الأمثل.
  • يساعد في الكشف عن الصدمات النفسية الكامنة.
  • يعمل على توحيد الهويات المختلفة.

3. علاج الاضطرابات المصاحبة:

• إذا كان هناك اكتئاب، قلق، أو اضطرابات أخرى، يتم معالجتها بأدوية أو جلسات علاجية.

4. التوعية والدعم:

• زيادة وعي المريض وأسرته بهذا الاضطراب يساعد في تقليل الوصمة الاجتماعية.

هل تعدد الشخصيات موجود فعلًا؟ أم أنه مجرد خرافة؟ 

• الكثير من الأطباء النفسيين لم يصادفوا حالات حقيقية لهذا المرض بسبب ندرته الشديدة.
• في بعض الأحيان، يتم تشخيص حالات أخرى خطأً على أنها تعدد شخصيات، مثل:
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
  • اضطرابات نفسية جسدية.
  • حالات الفقدان المؤقت للهوية.

التحدي الطبي:

حتى اليوم، الجدل لا يزال قائمًا بين الأطباء حول حقيقة وجود المرض ومدى دقة تشخيصه.

تعدد الشخصيات والتفسيرات الروحانية: هل الجن له علاقة؟

في بعض الثقافات، يُفسَّر تعدد الشخصيات على أنه تلبس بالجن أو أرواح شريرة. لكن الطب النفسي يختلف جذريًا عن هذه التفسيرات:

• التفسيرات الروحانية: تعتمد على وجود أسباب خارجية مثل السحر أو التلبس.
• الطب النفسي: ينظر إلى الأعراض فقط، ويعالجها بناءً على أسس علمية دون النظر للسببية الروحانية.

نصيحة: إذا كنت تعرف شخصًا يعاني من هذه الأعراض، قد يكون من الأفضل الجمع بين الدعم الطبي والنفسي، مع الأخذ بالاعتبارات الثقافية.

لغز يستحق الفهم والتعاطف

تعدد الشخصيات قد يكون اضطرابًا حقيقيًا، وقد يكون سوء فهم لحالات أخرى. في الحالتين، الأشخاص الذين يعانون منه يحتاجون إلى:

• التفهم بدلًا من الحكم.
• الدعم بدلًا من التهميش.

 إذا كنت تعاني أنت أو أي شخص تعرفه من مشاكل نفسية، لا تتردد في طلب المساعدة من مختصين. صحتك النفسية تستحق الاهتمام!

ابدأ اليوم و احجز موعدك الآن مع فريق مطمئنة الطبي لتبدأ رحلتك نحو حياة مليئة بالسعادة والراحة النفسية.