ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟ تجربة الحمل تُحدث تغييرات كبيرة في الجسم والعقل للمرأة، وتتنوع هذه التغييرات بين الإيجابية والسلبية. البعض يرى الحمل كفرصة لتحقيق الذات، خاصة عندما يبدأ التعلق النفسي بالجنين في الفترة المتوسطة من الحمل. وعند ولادة الطفل، تمتلئ الأم بحبها الفطري للعناية والتربية.
مع ذلك، يعتبر بعض الأمهات تجربة الحمل سلبية، ربما بسبب الخوف من عملية الولادة أو شعورهن بعدم الكفاءة في دور الأمومة. ونظرة الأم للحمل تؤثر على حالتها النفسية أثناء الولادة، وتتأثر بعوامل مثل التخطيط للحمل واستعداد الوالدين للتحمل والمسؤولية.
ليس فقط الأمهات يتأثرون بالتغييرات النفسية، بل الآباء أيضًا، سواء خلال فترة الحمل أو بعد الولادة. قد يواجه الآباء تحديات مثل المسؤولية الزائدة وتغير التواصل الجنسي، وقد يشعرون بالإهمال أحيانًا.
الاضطرابات النفسية ما بعد الولادة لا تعد عيبًا في الأمومة، بل قد تكون نتيجة طبيعية لعملية الولادة. وتختلف هذه الاضطرابات من أم لأخرى، وقد تظهر بشكل مختلف حتى في الولادات المتعددة لنفس الأم.
وفي هذا المقال سنقدم لك معلومات قيمة من فريق مطمئنة الذي يضم مجموعة من أفضل الأخصائيين والأطباء النفسيين تحت إشراف أ.د. طارق الحبيب.
- تتراوح نسبة انتشار الحالات من 1 إلى 3 لكل 1000 ولادة، وتشير الإحصائيات إلى أن 50 إلى 60 في المائة من تلك الحالات تحدث في الولادات الأولى للأمهات المصابات، بينما 50 في المائة من الحالات تحدث للأمهات اللاتي تعرضن لمضاعفات خلال الفترة المحيطة بالولادة (من الأسبوع العشرين من الحمل تقريبًا وحتى 4 أسابيع بعد الولادة).
- يمكن أن تظهر الأعراض خلال أيام قليلة من الولادة أو تستمر لمدة تصل إلى ثمانية أسابيع بعد الولادة.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
هناك عدة عوامل تسهم في الإصابة بالاكتئاب ما بعد الولادة، وليس هناك سبب واحد فقط. يمكن أن تلعب العوامل الوراثية، والتغيرات البدنية، والمشكلات العاطفية دورًا في هذا النوع من الاكتئاب.
1. العوامل الوراثية: تشير الدراسات إلى أن وجود تاريخ عائلي للاكتئاب ما بعد الولادة، خاصة إذا كان الاكتئاب السابق شديدًا، يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب ما بعد الولادة.
2. التغيرات البدنية: بعد الولادة، قد يؤدي الانخفاض الحاد في هرمونات الاستروجين والبروجستيرون في الجسم إلى الاكتئاب ما بعد الولادة. كما قد يتسبب انخفاض في هرمونات أخرى تفرزها الغدة الدرقية في الشعور بالتعب، والكسل، والاكتئاب.
3. المشكلات العاطفية: قد يسهم الحرمان من النوم والإرهاق الشديد في صعوبة التعامل مع المشاكل اليومية. قد تشعرين بالقلق بشأن قدرتك على رعاية طفلك الرضيع، وقد تجدين صعوبة في التعرف على الهوية الشخصية الجديدة بعد الولادة، مما يمكن أن يسهم في الشعور بالاكتئاب.
باختصار، هذه العوامل المختلفة يمكن أن تتفاعل معًا لتزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب ما بعد الولادة.
- تقلبات مزاجية تصل إلى الاكتئاب.
- شعور مستمر بالقلق والتوتر.
- صعوبة في النوم والشعور بالأرق.
- تغيرات في الوزن، سواء زيادة أو فقدان.
- نوبات من البكاء دون سبب واضح.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية وصعوبة في الاستمتاع بالحياة.
- تفكير متكرر في الانتحار أو الأذى الذاتي، بالإضافة إلى شعور بالذنب والعجز في القيام بدور الأم بشكل فعال.
يعتمد تقييم الطبيب على معايير التشخيص المحددة، حيث يُعد تشخيص ومعالجة الاكتئاب بعد الولادة في وقت مبكر أمرًا هامًا لصحة النساء وصغارهن.
ينبغي على النساء مراجعة الطبيب في حال استمرار الحزن وصعوبة القيام بالأنشطة اليومية لمدة تزيد عن أسبوعين بعد الولادة، أو في حال ظهور أفكار حول إيذاء النفس أو الطفل.
وإذا لاحظ أفراد العائلة أعراضًا، ينبغي عليهم التحدث مع المرأة وتشجيعها على استشارة الطبيب.
عند زيارة المرأة للطبيب بعد الولادة، قد يُطلب منها ملء استبيان مصمم للكشف عن الاكتئاب. وإذا كانت تعاني من الاكتئاب، قد يقوم الطبيب بإجراء اختبارات دموية لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لتشخيص اضطرابات مثل اضطراب الغدة الدرقية التي قد تكون سببًا في الأعراض.
علاج اكتئاب ما بعد الولادة يتضمن عادة العلاج النفسي و/أو العلاج الدوائي باستخدام مضادات الاكتئاب للحالات الخفيفة إلى المعتدلة.
على الرغم من ذلك، يتبين أن الفوائد العلاجية تكون عادة أكبر عندما يتم دمج العلاج النفسي والدوائي معًا، خاصة للحالات المعتدلة إلى الشديدة. بعض التمارين الهوائية الخفيفة أيضًا تظهر فاعلية في الحالات الخفيفة والمتوسطة.
تواصل معنا إذا كنت تشعر بتواجد بعض أعراض اضطراب الشخصية، أو إذا لاحظت أن أحد أفراد عائلتك يعاني منه. بدء المتابعة النفسية والاجتماعية على الفور يحمي المصاب وأسرته من تداول مضاعفات الاضطراب. تُميز "مطمئنة" بكونها بيئة آمنة مبنية على السرية التامة، حيث يُمكنك حجز جلساتك في أي وقت وبدء الحديث مع المختص