الابتزاز العاطفي يشكل شكلًا من أشكال التلاعب النفسي، حيث يُستخدم مجموعة من التهديدات وأشكال مختلفة من العقوبات لفرض السيطرة على سلوك شخص مقرب. يتضمن عادةً علاقات شخصية قوية أو علاقات حميمية مثل الأم والابنة، الزوج والزوجة، أو الأصدقاء المقربين.
عند تعرض الشخص للابتزاز العاطفي، يصبح رهينة للآخر عاطفيًا، حسبما يفسره جين باودريلارد: "إذا لم تقدم لي كذا، فأنت المسؤول عن انهيار عصبي".
وفي هذا المقال سنقدم لك معلومات قيمة من فريق مطمئنة الذي يضم مجموعة من أفضل الأخصائيين والأطباء النفسيين تحت إشراف أ.د. طارق الحبيب.
فوروارد وفرايزر قاموا بتحديد أربعة أنواع من الابتزاز، حيث يتميز كل نوع بأسلوب خاص من التلاعب العقلي:
1. العقاب: يتمثل شعاره في "أنا وليكن من بعدي الطوفان" يتجاهل المعاقب مشاعر الآخرين واحتياجاتهم، مع إلحاق الضرر أو العقاب بدون مراعاة.
2. العقاب الذاتي: يلعب الأفراد الذين يمارسون العقاب الذاتي دور "الناضج الوحيد" في العلاقة حيث يفترضون بأن الآخرين يجب أن يستجيبون بسرعة لاحتياجاتهم ومتطلباتهم.
3. المعاناة: يتخذ المعانون موقفًا يقول "إذا لم تفعل ما أريده منك، فسأعاني وأنت مسؤول عن ذلك" ينظر إليهم كأنهم يلعبون دور الضحية.
4. التعذيب: يتمثل في أن المعذبين هم الأكثر مكرًا بين المبتزين، حيث لا يقدمون أي شيء عن طيب نفس، بل يستخدمون هذا السلوك الضار للسيطرة على الآخرين.
تلك الأنماط توضح كيف يمكن استخدام التلاعب النفسي بأشكال مختلفة للسيطرة على الآخرين في العلاقات الشخصية والاجتماعية.
إذا كان الشخص يجد نفسه يستسلم لمطالب شخص ما بشكل متكرر، ويشعر بالخوف من رفضه، فقد يكون هذا فرصة للآخرين لاستخدام الابتزاز العاطفي للسيطرة عليه. وفيما يلي بعض الأعراض والسلوكيات التي تشير إلى أن شخصًا ما يستخدم الابتزاز العاطفي ضد الآخرين:
1- يُمارس الابتزاز العاطفي عندما يُهدد المبتز بإلحاق الضرر بشيء مهم للضحية بهدف إشعال الخوف والسيطرة عليها:
قد يهدد بإتلاف ممتلكاتها أو بالتشهير بها مهنيًا، مما يجبر الضحية على الامتثال للمبتز لتفادي الضرر.
2- بالإضافة إلى ذلك يُلقي المبتز اللوم باستمرار على الضحية عند حدوث أي خطأ:
مما يؤدي إلى انخفاض ثقة الضحية بنفسها وقبولها لأي ادعاءات من المبتز، سواء كانت صحيحة أو لا.
3- كما يتبنى المبتز دور الضحية للحصول على انتباه واعتذارات من الضحية حتى في حالة عدم قيامه بأي سلوك ضار:
هذا يترتب على ذلك بإحساس الضحية بتدني احترام الذات.
4- بشكل مماثل يسعى المبتز إلى معرفة كل أسرار الضحية دون أن يكشف عن أسراره الخاصة:
مما يُعرض الضحية للخطر في حالة الحاجة إلى اللجوء إلى المبتز.
5- أيضًا يحاول المبتز تشويه صورة الضحية وتقليل ثقتها بنفسها من خلال اتهامات بالجنون أو التشهير بين الآخرين:
مما يسهل على المبتز السيطرة على الضحية بشكل فعّال.
هذه الأنماط توضح كيف يستخدم الابتزاز العاطفي أساليب متعددة للتلاعب بالضحية والسيطرة على سلوكها وتصرفاتها.
اقرأ ايضا: اضطراب التعلق المرضي
يسلط كتاب "الابتزاز العاطفي": حينما يستخدم من حولك الخوف والإلزام والشعور بالذنب للتلاعب بك، للمؤلفة سوزان فوروارد الضوء على تأثيرات الابتزاز العاطفي العميقة والممتدة على الصحة النفسية والعاطفية للضحايا.
يناقش الكتاب الصراع الداخلي الذي يعاني منه الضحايا كنتيجة لتلاعب المبتز بمشاعرهم ضدهم، مما يثير تضاربًا داخليًا بين رغباتهم الحقيقية والمطالب القائمة عليهم من الجاني ينتج عن ذلك شعور عميق بالقلق والعجز والحيرة.
مما يدفع الضحايا للشك في قدراتهم الشخصية وفهمهم الصحيح للأحداث بسبب استراتيجيات التلاعب النفسي المستخدمة ضدهم.
ويُعد الشعور بالإلزام والذنب الناتج عن الابتزاز العاطفي الجزء الأساسي والمدمر في هذه الديناميكية، حيث يجد الضحايا أنفسهم مجبرين على تلبية مطالب الجاني ليس لأنهم يرغبون في ذلك، بل لأنهم يشعرون بأنهم ملزمون بالقيام بذلك.
يؤدي هذا إلى تآكل الشعور بالاستقلالية والقدرة على تقدير الذات، إذ يجد الضحايا أنفسهم يفضلون احتياجات الجاني على حساب احتياجاتهم الخاصة.
وتناولت فوروارد أيضًا تأثيرات الابتزاز العاطفي طويلة الأمد على المستوى العاطفي، مما يمكن أن يؤدي إلى تغييرات نفسية لدى الضحية.
يمكن أن يدفع التعرض المستمر للتلاعب بواسطة الخوف والإلزام والذنب الأفراد لتبني منظور سلبي عن أنفسهم، حيث يفقدون الشعور بالسيطرة على حياتهم. مما يُعزز دورة الابتزاز العاطفي ويجعل الضحية أكثر تبعية لاعتماد وتقدير الجاني.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر الناتج عن التهديد المستمر بالعقاب أو الشعور بالذنب إلى تأثيرات سلبية على الصحة البدنية للضحية.
حيث يتم ربط الإجهاد المستمر بمجموعة من المشاكل الصحية مثل أمراض القلب والسكري وضعف جهاز المناعة.
يؤكد كتاب فوروارد على أهمية التعرف على علامات الابتزاز العاطفي واتخاذ خطوات لحماية الصحة النفسية والعاطفية للأفراد، بما في ذلك وضع حدود واضحة والبحث عن الدعم من الأصدقاء والعائلة أو المحترفين بالإضافة إلى تعلم تقنيات الحزم لاستعادة السيطرة في العلاقة.
بشكل شامل يسلط كتاب "الابتزاز العاطفي" الضوء على طبيعة هذا النوع من التلاعب السلبي وتأثيره الكارثي على نفسية الضحية. من خلال فهم الديناميات السائدة واتخاذ إجراءات فعالة لمواجهته، يمكن للضحايا بدء رحلة التعافي واستعادة السيطرة على حياتهم.
نبذة عن الكاتبة: "سوزان فوروارد، الكاتبة والمعالجة النفسية الأمريكية، وُلدت في كاليفورنيا في 14 مايو 1938. عملت كمستشارة في عدة مؤسسات علاجية ونفسية، وتُعتبر من بين أبرز الأطباء النفسيين في أمريكا، حيث تدير عيادة خاصة للمعالجة النفسية.
لعلاج الابتزاز العاطفي احجز موعدك الآن مع فريق مطمئنة الطبي