بر الوالدين: كيف تحقق رضا والديك بذكاء وحكمة؟

يبحث الكثير عن كيفية بر الوالدين بطريقة صحيحة، فهل يعني البر تنفيذ كل طلباتهم دون تفكير؟ وهل يجب علينا الموافقة على كل ما يقولونه حتى لو كان ذلك يضرهم أو لا يعود عليهم بالنفع؟ الحقيقة أن البر ليس مجرد طاعة عمياء، بل هو فن التعامل معهم بحكمة، لتحقيق رضاهم مع مراعاة ما ينفعهم على المدى الطويل.

في هذا المقال، سنكتشف كيف يمكن تحقيق بر الوالدين بطريقة متوازنة تجمع بين إرضائهم، وتحقيق النفع لهم، وإشعارهم بالطمأنينة والاستقرار، مما يجعل العلاقة بين الأبناء والوالدين أكثر قوة وانسجامًا.

ما هو بر الوالدين؟ هل يعني تنفيذ كل طلباتهم؟

يعتقد البعض أن بر الوالدين يعني تنفيذ كل ما يطلبونه دون تفكير، ولكن الحقيقة أن البر يجب أن يكون متوازنًا بين رضاهم وتحقيق النفع لهم.

البر يتطلب تحقيق معادلة ثلاثية:

• إرضاء الوالدين بما يشعرهم بالحب والتقدير.
• تحقيق النفع لهم حتى لو لم يدركوا ذلك مباشرة.
• إشعارهم بالطمأنينة والاستقرار في حياتهم.

قد يكون هناك أحيانًا تعارض بين ما يرضي الوالدين وبين ما ينفعهم، وهنا تظهر المهارة الحقيقية في البر.

تحقيق رضا الوالدين مع تحقيق النفع الحقيقي

1. البر ليس مجرد تنفيذ الطلبات، بل تحقيق الفائدة

على سبيل المثال، إذا كانت لديك أم ذات تفكير بسيط، ترى أمورًا صغيرة على أنها كبيرة، بينما في نظرك أنت هذه الأمور ليست ذات أهمية، كيف يمكن تحقيق البر معها؟

• لا تكتفِ بتنفيذ طلباتها كما هي، بل حاول فهم السبب العميق وراء طلباتها.
•  فكر في طريقة تلبيتها بما يحقق لها السعادة الحقيقية وليس السعادة المؤقتة فقط.
•  تعامل معها وفق مستوى إدراكها، وليس وفق مستوى إدراكك فقط، حتى تستطيع الوصول إليها وإقناعها دون أن تشعر بالإحباط أو الرفض.

2. كيف تتعامل مع الوالدين حسب شخصياتهم؟

ليس جميع الآباء والأمهات متشابهين، لذا فإن أسلوب البر يجب أن يتكيف مع شخصية كل والد ووالدة.

 التعامل مع الأم الشكاكة:
قد تسيء الوالدة الشكاكة فهم بعض الأمور بسهولة. لنفترض أنك تزوجت حديثًا، وبعد يومين اتصلت بك والدتك وسألتك:
"يا ولدي، طمّنّي، هل أنت سعيد في زواجك؟"

إذا أجبت مباشرة: "نعم، أنا سعيد جدًا!"، فقد تفكر فورًا:
"إذن زوجته سيطرت عليه تمامًا! كيف يكون سعيدًا بهذه السرعة؟"

 الحل الذكي: بدلًا من الجواب المباشر، استخدم أسلوبًا يناسب طبيعتها:
"أظنها إنسانة طيبة، ولكن دعيني أرى كيف تسير الأمور مع الوقت."

بهذه الطريقة، ستشعر والدتك أنك شخص واعٍ ومدرك، مما يطمئنها ويخفف من شكوكها، ويجعلها تثق بك أكثر.

•  التعامل مع الأم القلقة:
  إذا كانت والدتك شخصية قلقة جدًا، فمن الأفضل أن تكون إجاباتك مطمئنة ولكن دون مبالغة قد تجعلها تشعر بالريبة.
•  التعامل مع الأم المزاجية:
  إذا كانت والدتك مزاجية، فإن أسلوب الرد عليها يجب أن يتكيف مع حالتها المزاجية.
•  عندما يكون مزاجها مرتفعًا، استخدم كلمات إيجابية وتعزيزية.
•  عندما يكون مزاجها منخفضًا، استخدم أسلوبًا أكثر هدوءًا وطمأنة.

اقرأ أيضا: الاكتئاب عند كبار السن: (الأعراض والأسباب)

من المسؤول عن البر: الأبناء أم الآباء؟

هل البر واجب على الأبناء فقط؟

يعتقد الكثيرون أن البر مسؤولية الأبناء تجاه آبائهم فقط، ولكن الحقيقة أن البر يجب أن يكون متبادلًا.

 نموذج من القرآن الكريم:
في قصة نبي الله يعقوب عليه السلام مع أبنائه، من الذي بدأ بالبر؟ كان يعقوب هو الذي أحسن لأبنائه أولًا، وأعطاهم الحنان والتوجيه الصحيح، مما جعلهم يبرّونه لاحقًا.

 في المفهوم النفسي، البر يجب أن يأتي من الأرقى إلى الأدنى، أي أن الآباء يجب أن يبروا أبناءهم أولًا، حتى يتعلم الأبناء البر ويكملوا السلسلة مع الأجيال القادمة.

اقرأ أيضا: كبار السن وطرق التعامل مع الاضطرابات النفسية

أهمية الذكاء العاطفي في بر الوالدين

 كيف يكون الذكاء العاطفي جزءًا من البر؟

•  افهم مشاعر والديك واحتياجاتهم العاطفية.
•  استخدم الكلمات المناسبة حسب حالتهم النفسية.
• وازن بين الطاعة والتوجيه الصحيح لهم.

 البر الحقيقي ليس مجرد طاعة، بل ذكاء في التعامل! فهو فهم عميق لاحتياجات الوالدين النفسية والعاطفية، والتفاعل معها بوعي وحكمة.

البر ليس مجرد طاعة، بل مسؤولية وذكاء

 برّ الوالدين لا يعني تنفيذ كل طلب دون تفكير، بل هو مهارة تحتاج إلى فهم عميق لطبيعة الوالدين واحتياجاتهم النفسية.

 نصائح أخيرة للبر بذكاء:

•  افهم شخصيات والديك واحتياجاتهم العاطفية.
•  وازن بين ما يرضيهم وما ينفعهم.
•  تعامل معهم بذكاء عاطفي ومهارة نفسية.

ابدأ اليوم و احجز موعدك الآن مع فريق مطمئنة الطبي لتبدأ رحلتك نحو حياة مليئة بالسعادة والراحة النفسية.