في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا محاطين بأشخاص يتمتعون بطاقة إيجابية تدفعهم لمواجهة التحديات بروح متفائلة، وآخرين يغرقون في السلبية والتشاؤم، مما يجعلهم أكثر عرضة للتوتر والقلق. ولكن، هل تساءلت يومًا: لماذا يكون بعض الناس سلبيين وآخرون إيجابيين؟
الدكتور طارق الحبيب، يطرح رؤية مختلفة حول هذه المسألة، إذ يرى أن السلبية والإيجابية ليستا مجرد طباع يولد بها الإنسان، بل هما نتاج القيم التي يمنحها الإنسان للأحداث التي يمر بها. فكيف يمكننا التحكم في هذه القيم وتحويل تفكيرنا نحو الإيجابية؟
في أحد المجالس، طرح أحد الأصدقاء سؤالًا على صديقه قائلًا: "لماذا أنت سلبي؟" لكن الدكتور طارق الحبيب لم ينتظر إجابة الشخص المُتهم بالسلبية، بل بادر بالسؤال: "ولماذا أنت إيجابي؟"
كانت إجابة السائل أن "الإيجابية أمر صعب"، لكن الدكتور الحبيب رفض هذا التفسير، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتعلق بالصعوبة، بل بالقيمة التي يمنحها الشخص للإيجابية أو السلبية.
من هنا، تدخل الشخص الذي وُصف بأنه سلبي قائلًا: "أنا لست سلبيًا، لكني أرى الأمور بوضوح وأكون دقيقًا في حياتي". فكان رد الدكتور الحبيب: "لا، بل لأنك منحت السلبية قيمة أعلى، فأصبحت جزءًا من طريقة تفكيرك".
هذا الحوار البسيط يكشف عن فكرة جوهرية: ما نراه إيجابيًا أو سلبيًا هو انعكاس للقيمة التي نضعها لكل جانب من جوانب الحياة.
عندما يحين وقت النوم، ماذا تتذكر عادةً؟ هل تسترجع اللحظات الجميلة من يومك، أم تسترجع المواقف السلبية والمشكلات التي واجهتها؟
أغلب الناس يميلون إلى التركيز على السلبيات، ليس لأنهم يريدون ذلك، ولكن لأنهم أعطوا قيمة أعلى للمشكلات والتحديات، معتقدين أن التفكير بها سيساعدهم على حلها. ولكن، هل تكرار التفكير بالمشاكل قبل النوم يساعد على إيجاد حلول؟ بالطبع لا، بل يؤدي إلى مزيد من القلق واضطراب النوم.
على الجانب الآخر، هناك من يركز على اللحظات الإيجابية، مما يجعله أكثر سعادة وطمأنينة. الفرق بين الحالتين لا يكمن في الظروف، بل في طريقة تفسيرنا للأحداث والقيمة التي نعطيها لكل منها.
يرى الدكتور طارق الحبيب أن أحد أهم الأدوات التي تساعد الإنسان على التحول من السلبية إلى الإيجابية هو إعادة تعريف المواقف، أي إعطاء معنى قيمي مختلف للأحداث التي نمر بها.
على سبيل المثال:
الإيجابية لا تعني إنكار المشكلات، بل تعني منحها قيمة مختلفة تساعدك على التعامل معها بمرونة وحكمة.
الحياة مليئة بالضغوط والمشكلات، ولكن الفارق بين شخص يعيش في راحة نفسية وآخر يعاني من التوتر المستمر هو طريقة تفسيره للأحداث.
هذا يوضح أن إصرار الإنسان على الطمأنينة والرضا، حتى في أصعب الظروف، هو ما يجلب له الراحة والسعادة.
الإيجابية ليست مجرد قرار يتأثر بالمجتمع، بل هي قناعة داخلية تتشكل في العقل والقلب.
فعندما تكون نفسيته إيجابية، فإن:
لكن هل هذا يعني أن الشخص الإيجابي لا يرى المشكلات؟ بالطبع لا، بل هو يدركها ولكنه لا يسمح لها بالسيطرة على طريقة تفكيره أو التأثير على حالته النفسية.
إليك بعض الخطوات التي تساعدك على تبني الفكر الإيجابي:
في النهاية، السلبية والإيجابية ليستا مجرد صفات يولد بها الإنسان، بل هما خيارات نحددها بأنفسنا. كلما أصررت على التفكير الإيجابي، كلما زادت طمأنينتك وسعادتك، وكلما ركزت على السلبيات، كلما زادت تعاستك وتوترك.
إذًا، لماذا أنت سلبي؟ الجواب بسيط: لأنك اخترت أن تكون كذلك. والخبر الجيد؟ يمكنك اختيار الإيجابية في أي لحظة، فالقرار بيدك!